خطة جريئة من مازدا لإنقاذ محركات الاحتراق الداخلي
بينما تتسابق شركات السيارات حول العالم نحو المستقبل الكهربائي الكامل، تخرج مازدا اليابانية عن المألوف لتعلن عن تقنية ثورية تهدف إلى إنقاذ محركات الاحتراق الداخلي، ولكن بطريقة أكثر نظافة وذكاء. فبدلاً من أن تتخلى عن البنزين، قررت مازدا أن تجعل محركاتها “تمتص الكربون” بدلاً من إطلاقه! 😲 التقنية الجديدة تعتمد على التقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من العادم أثناء القيادة، وهي فكرة جريئة يمكن أن تغيّر وجه الصناعة بأكملها.
خلفية عن مازدا وتاريخها مع الابتكار
شركة Mazda Motor Corporation ليست جديدة على الابتكار. فهي الشركة التي تمسكت طوال عقود بتقنية المحرك الدوّار “الروتاري” بينما تخلت عنها باقي الشركات. اليوم، تواصل مازدا تحدي التيار العام مرة أخرى، ولكن هذه المرة عبر تقنية احتجاز الكربون من محركات البنزين. تقول مازدا إن هدفها ليس فقط إطالة عمر محركات الاحتراق، بل جعلها صديقة للبيئة لدرجة أنها قد تكون “كربونية سالبة” — أي تمتص من الغلاف الجوي أكثر مما تطلق!
كيف تعمل تقنية مازدا الجديدة لاحتجاز الكربون؟
تقول مازدا إنها طورت ما يسمى بـ“الماصّ الصلب” Solid Adsorbent، وهو مادة توضع داخل نظام العادم تمتص جزيئات ثاني أكسيد الكربون بشكل مباشر. الفرق بين “الامتصاص” و”الامتزاز” بسيط لكنه جوهري:
- الامتصاص (Absorption): المادة تشرب الغاز مثل الإسفنجة.
- الامتزاز (Adsorption): الجزيئات تلتصق على سطح المادة مثل الغبار على قطعة قماش.
في العادم العادي، تركيز ثاني أكسيد الكربون يبلغ حوالي 14% — أي أكثر بـ350 مرة من الهواء المحيط، ما يجعل عملية الالتقاط أكثر فاعلية وأقل استهلاكًا للطاقة مقارنة بالتقاطه من الجو.
ملاحظة: أي عائق في أنبوب العادم قد يسبب مشاكل خطيرة في الأداء. لذلك، مازدا تؤكد أن الماص الصلب مصمم بطريقة لا تعيق تدفق الغازات إطلاقًا.
الاختبار الفعلي: من المختبر إلى حلبة السباق
مازدا قررت ألا تبقي التقنية حبيسة المختبرات، بل قررت اختبارها في أقسى الظروف الممكنة — سباقات التحمل! فقد أعلنت الشركة أنها ستقوم بتركيب النظام الجديد في سياراتها المشاركة في بطولة Super Taikyu اليابانية للسباقات الطويلة.
هذه البطولة تُعتبر من أصعب ميادين الاختبار للمحركات بسبب درجات الحرارة العالية، والضغط المستمر، وسرعة التغير في الظروف الميكانيكية. إذا نجحت التقنية في الصمود هناك، فستكون مؤهلة للتطبيق في سيارات الإنتاج التجاري خلال سنوات قليلة فقط.
رؤية مازدا المستقبلية: طريق موازٍ للسيارات الكهربائية
بينما تسير شركات مثل تسلا وBYD وهيونداي نحو الكهربة الكاملة، ترى مازدا أن العالم لا يستطيع التخلص من محركات الاحتراق بهذه السرعة. فالكهرباء ليست متوفرة في كل مكان، والبنية التحتية للشحن ما زالت محدودة في كثير من الدول. من هنا، تسعى مازدا إلى اتباع ما تسميه بـ“النهج متعدد الحلول” Multi-Solution Strategy، أي تطوير محركات كهربائية وهجينة وبنزين في نفس الوقت — لكن بطريقة أكثر استدامة.
الابتكار في مواجهة التحدي البيئي
رؤية مازدا لا تقتصر على التقنية الجديدة فحسب، بل تشمل أيضًا استخدام وقود محايد كربونيًا، مثل الوقود الصناعي المستخلص من الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون المعاد تدويره. بذلك، تصبح دورة التشغيل مغلقة بيئيًا: الوقود يُنتج من الكربون، والمحرك يلتقط الكربون مرة أخرى!
مزايا تقنية التقاط ثاني أكسيد الكربون من مازدا
- تقلل الانبعاثات الكربونية بشكل مباشر من المصدر (العادم).
- لا تحتاج إلى طاقة خارجية إضافية لتشغيل النظام.
- إمكانية استخدام الكربون المحتجز في الزراعة أو الصناعة.
- تسمح باستمرار إنتاج سيارات البنزين دون الإضرار بالمناخ.
- تفتح باباً جديداً لتطوير المحركات الهجينة الصديقة للبيئة.
عيوب محتملة
- التكلفة المبدئية العالية لتطوير النظام.
- ضرورة صيانة الماص الصلب واستبداله دوريًا.
- تحديات في قياس كمية الكربون المحتجز فعليًا.
التطبيقات العملية لاستخدام الكربون المحتجز
مازدا أشارت إلى أن الكربون الذي يتم التقاطه من المحرك لن يُهدر، بل يمكن إعادة استخدامه في عدة مجالات مثل:
- تحفيز نمو النباتات الزراعية في البيوت المحمية.
- إنتاج مواد كربونية عالية الأداء لصناعة البطاريات.
- توليد الوقود الصناعي أو البلاستيك الحيوي.
- احتراق الوقود التقليدي داخل المحرك.
- امتصاص ثاني أكسيد الكربون عبر الماص الصلب.
- نقل الكربون إلى وحدة تخزين داخل السيارة.
- إعادة تدوير الكربون في الزراعة أو الصناعة.
كيف يمكن أن تغيّر هذه التقنية مستقبل صناعة السيارات؟
إذا نجحت مازدا في تحويل هذه الفكرة إلى منتج تجاري، فقد تعيد رسم خريطة صناعة السيارات العالمية. التقنية يمكن أن تجعل محركات البنزين مقبولة بيئيًا مرة أخرى، مما سيخفف الضغط على الشركات في التحول الكامل للكهرباء. كما يمكن أن تقدم حلاً عمليًا للدول التي تعاني من نقص في البنية التحتية للشحن الكهربائي.
رأي الخبراء
العديد من الخبراء أشاروا إلى أن هذه الفكرة قد تكون “الفرصة الأخيرة” لمحركات البنزين للبقاء في السوق. بينما يرى آخرون أنها مجرد مرحلة انتقالية قبل الكهربة الكاملة. لكن في كل الأحوال، مازدا تثبت مرة أخرى أنها لا تخاف من التحدي ولا تتبع الآخرين بل تصنع طريقها الخاص.
الخاتمة: بين الحلم والواقع
مازدا لم تكن يومًا مجرد شركة سيارات، بل صانعة فلسفة هندسية تؤمن بأن “الروح يمكن أن تسكن الآلة”. واليوم، مع مشروعها الجريء لإنقاذ محركات الاحتراق عبر احتجاز ثاني أكسيد الكربون، تثبت أن الابتكار لا يعني بالضرورة الكهرباء فقط. قد لا تكون هذه التقنية جاهزة غدًا، لكنها بلا شك تفتح بابًا جديدًا للتفكير في مستقبل النقل، حيث يجتمع الأداء التقليدي مع الوعي البيئي في آنٍ واحد.
